تخيّل أنك انتهيت من انشاء متجرك الالكتروني منذ أشهر معدودة، بعد أن حرصت جيداً على إدراج أكثر التصاميم والنماذج أناقة وأفضلها ملائمة للمستخدم بعد اختيار مُتأني، لكن سرعان ما بدأ الإحباط يتسلّل إلى نفسك شيئاً فشيئاً بعد الاطلاع على أرقام المبيعات!
لكنّك لست الوحيد الذي ينتابه ذلك الشعور حينما لا تأتي رياح المبيعات بما يشتهيه سقف توقعاتك! ولعلك تتساءل عن مكمن الخلل؟ هل تصميم المتجر الالكتروني غير مُحبّب للزوار؟ هل أوصاف المنتجات وطرق عرضها غير ملائمة؟
ربّما يكون ذلك، وربّما لا يكون مكمن الخلل هُنا أو هُناك كما كنت تظن، بل في آلية تسويق المتجر والمنتجات المعروضة عليه.

في عالم اليوم، باتت القوة كلها في يد المستهلك، فأساليب التسويق والبيع القديمة في ملاحقة المستهلك وإغراقه بالرسائل التسويقية والاعلانات لم تعد مجدية. يستعيض التسويق الذكي عن ذلك من خلال جلب زوار حقيقيين لموقعك وتمكينِ المستهلك من اتخاذ قرار الشراء الأنسب، وذلك بعد إدراك عميق لطريقة بحثه عن المنتج الذي يلبي حاجته وطريقة تفكيره بالخيارات المتاحة في السوق.

ينطلق التسويق الداخلي Inbound marketing من حقيقة كون المستهلك في عالم اليوم أصبح أذكى وأكثر حصافة في قرارات شرائه من أي وقت مضى! ومن هذا المنطلق، صار لزاماً على الأعمال والشركات العمل على تفهم حاجاته وتطلعاته ومن ثمّ مساعدته قدر الإمكان على اختيار المنتج الأمثل له. وهُنا تأتي أهمية استراتيجية التسويق الداخلي عبر المحتوى، إذ تهدف لبناء مسار للمحتوى التسويقي يتدرّج بمراحل، والغاية المنشودة تحويل الزائر إلى عميل

فما هو مفهوم التسويق الداخلي ومراحله؟ وكيف يُمكن بناء مسار ناجح وفعال للمحتوى التسويقي؟

في مقالنا التالي سنحاول جاهدين الإجابة على سؤال كيف أحول الزائر الى عميل الذي يراود كل صاحب موقع تجاري اون لاين.. 

مراحل مسار جلب زوار حقيقيين لموقعك من خلال كتابة محتوى تسويقي على موقعك

يتدرّج مسار التسويق الداخلي بالزائر الذي حطّ على أحد الصفحات الالكترونية المتعلقة بالشركة. إذ يشتمل على كتابة محتوى تسويقي يتلاءم مع كل مرحلة، بدءاً من جذب انتباه الزائر وتوعيته بالعلامة التجارية للشركة ومنتجاتها، وانتهاءً بتحويل هذا الزائر إلى عميل.

يُجمع خبراء التسويق على ثلاثة مراحل يمر بها الشخص المستهدف من استراتيجية التسويق عبر المحتوى:

مرحلة الجذب

في هذه المرحلة، ينصبُّ هدف المحتوى المنشور على جذب اهتمام المستهلك بالتطرق لمشكلة أو تحدِّ ما يواجهه ويتوجّب عليه حلّه.

في اللحظة التي تُلامس فيها مشكلته، يتولّد لدى المستهلك اهتماماً بمنتجك أو علامتك التجارية ككل، ويتعزّز ذلك بقدر ما تقدم منتجك كحل أو خيار مناسب له.

مرحلة التقييم

بمجرّد أن يتجاوز الزائر أو بالأحرى (العميل المحتمل) المرحلة الأولى، يدخل في المرحلة الثانية أو المتوسطة من المسار، والتي يرغب من خلالها بالتعرف على الخيارات المتاحة أمامه من ضمنها منتجات المنافسين، وتقييم كل منها.

مرحلة الشراء

وهذه هي العتبة الأخيرة في عملية اتخاذ قرار الشراء، وتتطلّب محتوى مخصّص لاحتياجات العميل المحتمل تروّج من خلالها منتجك باعتباره الحل الأمثل بعد أن حزت على ثقته في المرحلتين السابقتين.

مراحل التسويق الداخلي

كيف يعمل مسار التسويق الداخلي عبر المحتوى؟

يعتقد أغلب المسوقون أن كل العملاء يمرّون بالضرورة خلال جميع مراحل مسار التسويق عبر المحتوى، وذلك قد يكون صحيح فعلاً نظرياً على الورق. لكن هل هذا هو الحال في الواقع؟ 

في حقيقة الأمر، فإن الزوار أو العملاء المحتملون قد يقتحمون مسار المحتوى في أي مرحلة دون تدرّج من المرحلة الأولى للأخيرة!

وهُنا يظهر الفارق لدى المسوّق البارع في مواءمة الرسائل الترويجية والمحتوى التسويقي مع كل مرحلة على حِدى، وهكذا يكون أكثر تفهّماً لاحتياجات العميل المحتمل وتقديم الحل الأمثل له ممّا يعزز من احتمالية قرار الشراء من موقعك الإلكتروني.

المرحلة الأولى – أعلى المسار

تُعتبر هذه المرحلة الأولى التي يحتك بها الجمهور مع موقعك الالكتروني، والغاية منها بالأساس توعية الجمهور بطبيعة عملك ومنتجاتك. 

وهُنا يبرز السؤال التالي: ما الهدف من وراء من توعية الجمهور حول مشروعك التجاري؟

1.توعية الجمهور بالعلامة التجارية

2.توعية الجمهور بالمشاكل والتحديات التي يواجهونها

3.توعية الجمهور بالحلول المتاحة أمامهم

تتطلب المرحلة الأولى جُهداً مُضاعفاً في التركيز على القيمة المقدمة من خلال المنتج، نظراً لكون المستهلك يتعرف لأول مرة على المنتج والشركة في ذات الوقت، وتقتضي بالتالي ترسيخ انطباع جيد في ذهنه.

والانطباع الجيد يستلزم تقديم قيمة مُضافة عن ما هو متوفر في السوق، وكلّما نجحت أكثر في إقناع المستهلك بجدوى وقيمة المنتج كلّما ساهم ذلك في استكمال باقي مراحل المسار حتى مرحلة الشراء النهائي.

المرحلة الثانية – منتصف المسار

في منتصف المسار، يأتي دورك في تقديم محتوى يوفّر تقييم موضوعي قدر الإمكان للخيارات المُتاحة للزائر الذي يبدي اهتماماً بمنتجاتك. فمن الصعب تحويل الزوار لعملاء فوراً في رحاب الفضاء الالكتروني، بل يتطلّب الأمر صبراً ومجهوداً يتفهّم حاجاته ويلبّي ما يتطلّع إليه.

في هذه المرحلة، يبحث العميل المحتمل عن الأمور التالية:

1.التحقّق من كونه يواجه المشكلة التي وصفتها في المحتوى المنشور 

2.النظر للحلول المتاحة أمامه من ضمنها الحلول الأرخص ثمناً والحلول الأكثر فعالية

3.مقارنة الحلول المتاحة وترتيبها بحسب الأفضل

بمراعاتك للأمور المذكورة أعلاه، تكون قد جلبت لعملك التجاري مصداقية أكبر في عين الزوار وذلك من شأنه توثيق العلاقة بينك وبينهم نحو إتمام البيع معهم لاحقاً.

المرحلة الثالثة – نهاية المسار

في ختام المسار، تنحصر الغاية في دفع المستهلك لاتمام الشراء تلقائياً بعد اطلاعه على الخيارات المتاحة أمامه، وأنت بدورك كل ما تنتظره هو الانتهاء من مراحل اتخاذ قرار الشراء واتمام الطلب.

تتطلّب هذه المرحلة الختامية توفير دليل متكامل حول المنتج أو الخدمة المطلوبة من الألف إلى الياء، وينبغي الالتفات هُنا لكافة التفاصيل المتعلقة بطلب العميل حرصاً على إتمام البيعة دون مشاكل.

ترتكز الغاية الوحيدة من كتابة محتوى تسويقي في هذه المرحلة على دفع العميل لاتمام طلب الشراء، أو دفع ثمن المنتج في حالة تسويق التجارة الالكترونية. وأي مسار آخر غير ذلك يشير لخلل ما في طبيعة المحتوى.

كيفية كتابة محتوى تسويقي يتناسب مع كل مرحلة

والآن بعد أن تعرفت على ابعاد التسويق الداخلي ومساره، يحين دور الخطوة التالية التي تكمن في كتابة محتوى تسويقي يتلاءم مع كل مرحلة. و لتبسيط الأمر أكثر فأكثر، يمكنك اعتماد المعايير الثلاثة التالية لكل محتوى تسويقي تصنعه: 

1.أن يكون محتوى ذا قيمة حقيقية

2.صياغته بالطريقة المناسبة

3.نشره وترويجه في القناة المناسبة

كتابة محتوى تسويقي

كيف تتأكد أن محتواك يتناغم مع المعايير الثلاثة أعلاه؟

يُمكنك اتباع الخطوات التالية:

معرفة جمهورك

من المهم تحديد طبيعة جمهورك المستهدف قبل كتابة محتوى تسويقي يتلمس احتياجاته ورغباته، ويتمثّل ذلك في تقسيمه لشرائح بناءاً على العمر أو الجنس أو منطقة السكن أو المجال المهني. فالمتجر الخاص بالمواد التجميلية أو الأزياء ذو جمهور مختلف تماماً عن متجر التقنيات التكنولوجية ومستلزمات أجهزة الحاسوب (كنا قد تناولنا في مقالة سابقة ضرورة انشاء متجر الكتروني هذه الأيام).

البحث

تدور هذه الخطوة حول السؤال التالي: علام يبحث جمهورك المستهدف؟

ثِق تماماً أن معرفة الشيء الذي يبحث عنه جمهورك على الانترنت هو السبيل لصناعة المحتوى الأمثل. فليس ثمّة ما هو أكثر تبذيراً للوقت والجهد من كتابة محتوى ونشر مدونات على موقعك لا تتطرق للأمور التي يبحث عنها جمهورك!

كتابة محتوى تسويقي مناسب

بعد التعرف على نوعية جمهورك المُهتم وإجراء بحث مُتأني عن الأمور التي يبحثون عنها على محركات البحث أو منصات التواصل الاجتماعي، تأتي الخطوة الأهم كتتويج لجهودك من خلال كتابة محتوى تسويقي ذي جودة عالية يلامس احتياجات ورغبات الجمهور المستهدف ويتم تقديم منتجاتك كحلول أمثل للتحديات التي يواجهها. ومن ثمّ نشر هذا المحتوى على موقعك أو عبر منصات التواصل الاجتماعي التي تتفاعل من خلالها مع الجمهور.

وهكذا نكون قد قدمنا بايجاز اهمية التسويق الداخلي inbound عبر جلب زوار حقيقيين لموقعك وتحويلهم لعملاء، إذ أصبحت متبعة على نطاق واسع عالمياً من منصات التجارة الالكترونية والاعمال عبر الانترنت، كما أننا تناولنا قبل ذلك في مقالة منفردة انواع التجارة الالكترونية ومنصات الأعمال اون لاين. تابع مدونة هايبرباي لمزيد من المواضيع الهادفة الخاصة بمنصات التجارة الالكترونية والأعمال عبر الانترنت وحلول الدفع الالكتروني المبتكرة لها.